یا طالب العلم .. امض ولا تلتفت
ما أكثر العوام الذين يلومون طلاب العلم على إنفاقهم أوقاتهم
في القراءة وطلب العلم ! وهذا اللوم ليس خاصاً بزماننا؛ فقد عانی
منه بعض المشتغلين بالعلم في الأزمان المتقدمة، وفي هذا النص بوح
بهذه المعاناة:
کان ابن طباطبا (المتوفى عام ۳۲۲ه) حريصاً على العلم، فلامه
رجل من قومه على حرصه على طلب العلم وانهماکه فيه، وتركه
للصنائع والأعمال وجمع المال، فقال ابن طباطبا:
يلوم على أن رحت في العلم راغباً
أُجمِّع من عند الرواة فُنونه
وأملِكُ أبكارَ الكلام وعُونَهُ
وأحفظ مما أستفيد عيونهُ
ويزعم أن العلم لا يجلب الغنى
ويُحسِن بالجهل الذميم ظنونه
فيا لائمي دعني أغالي بقيمتي
فقيمة كل الناس ما يُحسنونه
حسد الجاهل
إذا عُد أغنى الناس لم أكُ دونه
وكنتُ أرى الفخر المسوّد دونه
إذا ما رأى الراؤون نُطقي وعِيّه
رأوا حركاتي قد هَتكْن سكونه
وما ثَمّ ريبٌ في حياتي وموتِه
فأعجِب بميتٍ كيف لا يدفنونه!
أبى الله لي من صُنعِه أن يكونني
إذا ما ذكرنا فخرَنا وأكونهُ
من كتاب (صُوَى وكُوَى)